الزغاريد هي أصوات فريدة من نوعها تصدر عن طريق لمس اللسان لجانب الفم أو الأسنان بشكل متتابع. وأشهر وقت تقوم فيه النساء في فلسطين بالزغاريد هو الإعلان عن عقد قران الابن أو الابنة بطريقة تعبر عن سعادتهن. ويبدأ الزفاف الفلسطيني الأصيل بمراحل ما قبل الزواج، والتي تشمل عائلتي العروس والعريس. وعادة ما تذهب والدة العريس وأخته إلى منزل عائلة العروس لمناقشة الزواج المقترح، والذي يستلزم الروابط المستقبلية بين العائلتين. وإذا تم الاتفاق على جميع تفاصيل زواج الزوجين، يتم التخطيط للاحتفال.
زغاريت فلسطينية
قد تستمر جميع الطقوس التي تسبق مراسم الزفاف لمدة تصل إلى أسبوع. ومع ذلك، في الأيام التي تسبق حفل الزفاف، يجتمع الأهل والأصدقاء من كلا جانبي الزواج معًا ليلة بعد ليلة لما يسمى بـ "السهرة". في اللغة العربية، تعني "السهرة" اجتماعًا في وقت متأخر من الليل. يتبادل الرجال والنساء من أسرتي الزوجين الأحاديث ويتعرفون على بعضهم البعض، حيث سيصبحون قريبًا عائلة. كما يشارك في الرقص والغناء. على وجه التحديد نوع من الرقص التقليدي يسمى الدبكة. الدبكة، التي يتم أداؤها في الغالب خلال المناسبات السعيدة، تنطوي في الغالب على ربط جميع الرجال بأيديهم احتفالًا وتقديم حركات أقدام سريعة ومتزامنة وضرب الأرض، مع الدوران في حركة دائرية. أثناء الرقص، تغني النساء عادةً الأغاني الفلسطينية التقليدية معًا. في الليلة التي تسبق الزفاف، تتجمع العروس وكذلك جميع النساء معًا في ليلة الحناء التي تتضمن الرقص والطعام وتطبيق الحناء على الأيدي. ليلة الحناء هي تقليد قديم، لم يكن مجرد فرصة لإجراء الترتيبات والديكورات في اللحظة الأخيرة فحسب، بل كان أيضًا فرصة لعائلات الجانبين للاحتفال والترابط معًا قبل حفل الزفاف.
الحناء في حفل زفاف فلسطيني
إن جميع أفراد القرية يدركون أن حفل الزفاف على وشك الحدوث، حيث تمت دعوتهم جميعًا، بما في ذلك أفراد القرى المجاورة وحتى المسافرين. وبما أن أسرة العريس تدفع تكاليف حفل الزفاف بالكامل وتنظمه، فإنهم مسؤولون عن السفر من منزل إلى منزل في جميع أنحاء القرية ودعوة كل ضيف شخصيًا إلى الحفل. وبالمعنى الحرفي للكلمة، تتم دعوة قرية بأكملها من الناس. وبالتالي، في يوم الزفاف، يمكن العثور على نساء أسرة العريس مشغولات بإعداد كمية هائلة من الطعام لإطعام جميع الضيوف المدعوين إلى التجمع الكبير. ومن أبرز الأطباق التي يتم تقديمها "العصيدة" وهي نوع من الزلابية المصنوعة من دقيق القمح المطحون والمسلوق في الماء. يتم تقديمها مع طبقة من الأرز وقطع كبيرة من لحم الضأن. كان هذا طبقًا بسيطًا للغاية ولكنه غني ومشبعًا للغاية ويؤكل بشكل أساسي في المناسبات.
"المنسف" هو طبق تقليدي آخر يتم تقديمه عادة في جميع التجمعات الكبيرة في فلسطين، وخاصة حفلات الزفاف. يتكون المنسف من لحم الضأن المطبوخ في صلصة مصنوعة من الزبادي المخمر المجفف، ويقدم عادة مع الأرز أو البرغل فوق قطعة رقيقة من خبز "الشراك". نشأ اسم المنسف من مصطلح "الصينية الكبيرة"، وهو بالضبط كيف يتم تقديم هذا الطبق للضيوف في التجمعات الكبيرة. يتم وضع أطباق الصينية الكبيرة التي يبلغ قطرها عادة حوالي 36 بوصة فوق ملاءات بيضاء على الأرض حيث تجلس مجموعات من ستة إلى ثمانية ضيوف في دائرة حول الطبق. يتقاسم كل من الضيوف الطبق ويستمتعون به، كل منهم يأكل بيده اليمنى فقط ويأخذ من الجزء الموجود أمامه مباشرة. بالإضافة إلى ذلك، لا يأكل أفراد الأسرة المباشرين للعروس والعريس حتى يأكل جميع الضيوف.
يتم تقديم المنسف للضيوف في حفل الزفاف
في يوم الزفاف، تكون أسرة العريس قد أرسلت العشاء إلى أسرة العروس في منزلهم. وفي هذه الأثناء، تكون العروس وأسرتها في انتظار رحيلها إلى منزل العريس بفارغ الصبر. وعندما يبدأ الحفل الفعلي، تقام الزفة. وربما تكون الزفة هي الجزء الأكثر ترقبًا في الحفل، حيث تعلن بصوت عالٍ أن احتفال الزواج على وشك البدء. وهذا تقليد قديم يتضمن موكبًا للعروس جالسة على جانبها على حصان، بينما يتم عرضها بجانب أفراد الأسرة الذين يزغردون وهم يعزفون على الطبول العربية (الطبلة) ويرقصون في شوارع قريتهم وهم يرددون عبارات المديح. وحتى الوصول إلى منزل العريس، يكون أفراد القرية قد أوقفوا العروس لتقديم الهدايا لها والتعبير شخصيًا عن أطيب تمنياتهم.
بمجرد وصول العروس إلى منزل العريس، تجلس على كرسي مرتفع عادة فوق منصة. سترتدي العروس زيًا فلسطينيًا تقليديًا يسمى الثوب. الثوب هو ثوب طويل بأكمام طويلة ويتميز بتصاميمه المطرزة يدويًا والمعروفة باسم "التطريز". يتضمن التطريز المعقد أنماطًا ملونة خاصة بالمنطقة الفلسطينية التي تنتمي إليها العروس. ومع ذلك، في يوم زفافها، قد يتضمن ثوب زفافها أكمامًا زاوية مع تطريز ذهبي أو أحمر. إلى جانب الثوب، ترتدي العروس أيضًا غطاء رأس تقليدي يسمى "السفّة"، وهو مبطن بقطع نقدية ذهبية حول الرأس. أما العريس، فسينضم إليها وهو جالس بجانبها مرتديًا زيًا تقليديًا يتضمن ثوبًا أبيضًا مخصصًا للرجال وغطاء رأس يسمى "الحطة". في بعض عادات القرية، يتلقى العريس حلاقة وجه جديدة من صديق مقرب أو أحد أفراد الأسرة استعدادًا عامًا في يوم الزفاف.
طوال الليل، تحتفل عائلتا العروس والعريس معًا حتى ساعات متأخرة من الليل أثناء تناول الطعام والرقص والاستمتاع بصحبة بعضهما البعض. لا يتم تبادل خواتم الزواج في حفل الزفاف الفلسطيني التقليدي. ومع ذلك، في نهاية الحفل، يتم وضع وشاح على حضن العروس، كما يتم تقديم هدايا إضافية من المال أو الذهب إلى جانب المزيد من التمنيات بالصحة والسعادة والازدهار. إنه تقليد فلسطيني أن يقدم جميع الأقارب من جانبي العروس والعريس الهدايا من أجل مساعدة الزوجين المتزوجين حديثًا في تأسيس حياتهما الجديدة معًا.
سميرة في ثوب زفافها، أول زفاف مسيحي فلسطيني بعد عام 1948
اليوم، تختلط أغلب مراسم الزفاف الفلسطينية بين عناصر غربية حديثة إلى جانب العادات التقليدية الأصيلة. ومع ذلك، بغض النظر عن أي حفل زفاف فلسطيني ستحضره، فإن تقليدين سيظلان بارزين على الدوام. هذان التقليدين هما أهمية الأسرة والتركيز القوي على حسن الضيافة. ويمكن الشعور بخصائص هاتين الصفتين بشكل بارز في أي حفل زفاف فلسطيني قد يحضره المرء. وفي حين ثبت أن تغيير التقاليد بمرور الوقت أمر لا مفر منه، إلا أن هناك اليوم العديد من الشباب الفلسطينيين الذين يسعون إلى استعادة جميع الطقوس التقليدية في حفلات زفافهم من أجل الحفاظ على الأصالة التي تجعل الزفاف الفلسطيني أصيلاً حقًا.